Wednesday, September 24, 2008

إعلانات رمضان .. مهازل وأشياء أخرى

نشرت فى جريدة القاهرة

انتهى التليفزيون المصري من بيع حقوق الإعلانات على شاشاته الأرضية خلال شهر رمضان الحالي بمبلغ 68 مليون جنيه وذلك لحساب أحدى الوكالات الإعلانية الخاصة ، وهو مبلغ يقل عن العام الماضي بحوالى 2 مليون جنيه !!ه
أما قنوات الحياة ، دريم ، المحور فقد باعت الأوقات الإعلانية لديها بحوالى 150 مليون جنيه مجتمعه متبعة سياسة البيع بأسعار أقل لتحقق ربح أكبر.ه
بالتأكيد يتأثر المشاهدون بالإعلان والرسالة التى يوجهها ، خاصة فى (شهر رمضان) الذى يحقق نسبة مشاهدة عالية جدا تتفوق بمراحل على أى أوقات أخرى من العام.ه
أما عن تطور فن الإعلان فى مصر خلال الأعوام القليلة الأخيرة وتوحش درجة تأثيره فى المشاهدين وتوغله الأخير ليفرض نفسه على المشاهد قبل وداخل العمل الدرامى أو الإعلامي فهى ظاهرة خطيرة تثير القلق وتفرض علينا متابعة ما يقدم ودرجة تأثيره على المشاهد الذى لا حول له ولا قوة.ه
نبدأ بالإعلانات الخدمية وهو نوع من المفترض أن تكون تأثيراته السلبية أقل ما يمكن .. لكن للأسف الواقع عندنا حتى الآن لا يحقق هذا الافتراض . ه
بنك الطعام ومستشفى سرطان الأطفال والضرائب وأسهم بورصة الأوراق المالية وأنفلونزا الطيور.. كلها إعلانات خدمية تشترك فى الهدف توعية المشاهد وتشترك أيضا فى الاستخفاف بعقول المشاهدين والأخطاء التى تصل أحيانا لحد الفضيحة .ه
مثلا ، فى واحد من إعلانات المستشفى الشهير يطل علينا أحد رجال الدين بدولة عربية – كما هو مكتوب على الشاشة- أثناء زيارته للمستشفى ثم تأتى على لسانه الجملة التى تثير الاستغراب والغيظ .. "يتميز المستشفى بأنه يقبل الاطفال المصريين وغير المصريين والمسلمين وغير المسلمين" !! .. هل من المفترض فى أي مستشفى للأطفال أو غيرهم أن يفرق بين المريض المصري والغير مصري ؟!! وبين المريض المسلم وغير المسلم ؟!! لكى تكون هذه ميزة كبيرة فى المستشفى الذى يعالج الأطفال بالمجان !! ثم فى اعلان آخر .. لم يجدوا بين أطفال المستشفى سوى بنت صغيرة تم تلقينها جمل معينة لتلقيها أمام الكاميرا ويبدو أنها كانت فى (مود) غير جيد فخرجت الكلمات منها من عينة (ما تخلص بأه يا عم الحاج ) ، (مش هقول تاني) .. البنت الصغيرة هنا تخاطب المصور أو المخرج على ما أظن .ه
ثم اعلان خدمى آخر عن التوعية بأضرار أنفلونزا الطيور واستعانوا فيه بخبرة وشعبية الفنان القدير (شعبان عبد الرحيم ) ليكون الإعلان مهزلة غنائية وإعلانية .ه
لا داع بالطبع للإشارة الى التطور الدرامى الكبير فى إعلانات الممثل (محمد شومان) عن الضرائب والفواتير وزاد عليها هذا العام إعلان جميل عن الأسهم وأهميتها للمواطن العادى الذى يتعامل مع بورصة الأوراق المالية وكان شعاره (السهم دليل الملكية) !!.ه
حسب آخر إحصائية بعد مرور نصف أيام الشهر الكريم ، يتنافس مسلسلي (شرف فتح الباب ، سعد الدالي) للقديرين يحيي الفخرانى ونور الشريف على المركز الأول من حيث عدد الإعلانات ولكن هناك مباراة ساخنة أخرى من نوع خاص بين اثنين من نجوم السينما الشباب .. كريم عبد العزيز الشهير بـ (كريم كوكا) وأحمد بيبسي (آسف أقصد حلمى).. المنافسة المشتعلة ليست على صدارة شباك التذاكر هذه المرة.. إنما هى على سلسلة إعلانات نوعين شهيرين جدا من المياه الغازية .ه
لم يخطر ببال كريم عبد العزيز أن يسأل نفسه لماذا قبل أن يسخر من مسلسلات شهيرة بهذا الشكل المزري؟ حتى انه فى احد إعلاناته يجعل مشروبه المفضل موازيا للوطن فى محاكاة ساخرة غير مناسبة إطلاقا لمسلسل (رأفت الهجان) الشهير.. أما منافسه (حلمى) فاستعان هذا العام بالفنان (حسين الإمام) ليقدما معا فاصلا من الاستظراف لم يضف لهما أو للمشروب الذى يروجون له.ه
اختفى بشكل واضح هذا العام الفنان (أحمد السقا) ومنتجه الغذائي الشهير ليترك الساحة لأنواع أخرى من نفس المنتج . ظهر فى إعلانات أحد هذه الأنواع الممثل الشاب (سامح حسين) مع الطفلة (منه عرفه) فى سلسلة إعلانات المفترض أنها كوميدية ، مع أنها سخيفة جدا وساذجة للغاية.ه
الدور الآن على أشهر سلسلة إعلانات .. ثلاثي القمة .. والقمة هنا تعنى أنهم على قمة مرات الظهور فى كل البرامج وكل المسلسلات .. شركات المحمول الثلاثة .. ه
اتفقت الحملات الإعلانية للشركات الثلاثة على محاولة إبهار المشاهد بأى طريقة ، وجاءت النتيجة مخيبة لآمالهم جميعا .ه
أحد هذه الشركات وأحدثهم اختارت أن تظهر عيبا واضحا فى الشركتين المنافستين وجعلت شعار الحملة الإعلانية لها (ما تخليش شبكتك تختار لك تكلم مين) فى إشارة واضحة لنظام تتبعه الشركتين المنافستين، أما الشركة الثانية فجاء خبر تركيبها لشبكة جديدة عيدا جديدا يضاف لأعياد مصر!! (ويا حلاوتك يا برتقانى .. فرحة فرحة فرحة)!!!!ه
ولم تستطع الشبكة الثالثة إلا أن تعلن لمشتركيها أن الوقت المناسب لإجراء المكالمات مهما كانت هامة أو مصيرية – حسب الحملة الإعلانية هو بعد منتصف الليل لكى يستفيد المشترك من تخفيض سعر الدقيقة!! منتهى الاستخفاف بعقول الناس ..ه
من اللافت للنظر هذا العام ، اختفاء إعلانات أحد السلع الاستراتيجية فى مجال البناء تماما وظهوره فقط فى الفقرة التى ترعاها الشركة المنتجة لهذا السلعة بأحد البرامج الجماهيرية وهو ذكاء شديد من مصمم الحملة الإعلانية لهذا المنتج .ه
وعلى النقيض تماما، نجد تكرارا مستفزا وغير طبيعي لإعلانات احد أكبر واشهر المجموعات العقارية فى السوق المصري تحت شعار (بناة المستقبل) ، نظرا للأزمة القانونية التى يعانى منها رئيس مجلس إدارة المجموعة (سابقا) وتركز الحملة على تشغيل عدد كبير من الشباب والعمال بمشروعاتها وكأن هذا يعد حكرا على مجموعتهم العملاقة فقط وليس أمرا بديهيا فى أي شركة كبيرة تعمل بهذا المجال. ه
باقي الإعلانات تنتمي لنوعية الترويج لأنواع مختلفة من الأجهزة الكهربائية وكلها تشترك فى أن منتجهم هو الأفضل والأرخص سعرا والأطول عمرا !!ه
الجديد أيضا هذا العام ، انتشار واسع لحملات إعلانات السيارات والبنوك والسلع الغذائية وإن كانت السلع الغذائية تتواجد بنسب أقل نوعا ما من الأعوام الماضية ..ه
كانت مفاجأة شهر رمضان الماضي ظهور حملة إعلانات بصوت الفنان (محمد منير) لصالح أحدى شركات المحمول وكان ذلك مثار انتقادات واسعة وجهت لـ منير من معجبيه. أما مفاجأة هذا العام فجاءت بصوت الفنان (خالد صالح) فى إعلان عن أحد أنواع السيارات وللحقيقة جاء سيناريو الإعلان جيدا ومقنعا ويعد من أفضل إعلانات رمضان هذا العام .ه
أيضا يواصل إعلان احد منتجات السيراميك الشهيرة نجاحه وتميزه لاعتماده على تيمة موسيقية ارتبطت به وكان اختيارها موفقا للغاية حتى أنها أصبحت نغمة مميزة على الهواتف المحمولة الآن .ه
كان – ولا زال - موسم شهر رمضان التليفزيوني سوقا رائجة لنقاد الدراما للكتابة عن أنواع مختلفة ومتنوعة من فنون الدراما .. وأضيف له الآن نوعا آخر من المتابعة والنقد.. فرضته علينا "ميديا الإعلانات" المتوحشة والمتوغلة على كل الشاشات وفى كل الأوقات ..ه
رحم الله مخرجنا العبقري الراحل (يوسف شاهين) الذى كان يقيم الدنيا ولا يقعدها دفاعا عن حماية أفلامه عند عرضها بالتلفزيون من التقطيع بالإعلانات .. الرجل كان بالتأكيد على حق تماما .. لكن من يسمع ومن يدرك؟!.ه

No comments:

About Me

My photo
just a human, seeking for real life, real love, real freedom.