Friday, November 14, 2008

عيون الناس

هل القارئ المصري بحاجة لهذا الكم الهائل من المطبوعات اليومية والأسبوعية والشهرية ؟ وهل يتابع المصريون فعلا ما يكتب على صفحات هذه المطبوعات.. وبخاصة ما يصدر حديثا هذه الأيام؟.ه
فى ظل انعدام المعلومات حول الأرقام (الحقيقية) للتوزيع فى سوق المطبوعات الصحفية المصرية ، وفى ظل التزايد المستمر والغريب فى ظهور المطبوعات الجديدة .. نجد أنفسنا عاجزين تماما عن إيجاد إجابة مقنعة للسؤالين السابق عرضهما . ولا نستطيع سوى أن نتابع ونرصد كل يوم الجديد من المطبوعات المصرية لعلنا نجد إجابة ما وسط كل هذا الكم من الإصدارات الصحفية الجديدة.
خلال هذا الشهر (سبتمبر 2008) صدر العدد الثالث من مجلة (عيون الناس) الشهرية الشبابية .. المجلة تصدر فى 60 صفحة ألوان من القطع المتوسط بترخيص لندنى وطباعة مصرية.ه
أول ما يلفت الانتباه هنا هو اختيار الاسم .. وهو ما يمثل ظاهرة جديدة واسعة الانتشار وسط المطبوعات الصحفية المصرية الجديدة . اختار القائمون على إصدار (عيون الناس) أن يقترب اسم مطبوعتهم كثيرا من مطبوعتين شهيرتين (كل الناس ، كلام الناس) .. والظاهرة ليست جديدة على الرغم من أنها تعبر عن إفلاس كبير فى القدرة على إبداع اسم متفرد وجديد ويمكن أن نعتبره أيضا رغبة فى الاستفادة من شهرة اسم يحقق قدرا معقولا من الانتشار . الظاهرة ليست جديدة على سوق المطبوعات المصرية فلدينا (المصري اليوم ، والوطنى اليوم ، والأهلى اليوم) وكأن الأسماء التى تصلح للمطبوعات الجديدة قد انتهت ولم يبق سوى اللعب على التنويعات من اسم قديم!!ه
غلاف (عيون الناس) يوحى للوهلة الأولى أنها مجلة فنية متخصصة . يحتل الجانب الأيسر من الغلاف نجم الجيل (كما يسميه معجبيه ومريديه) تامر حسنى .. ثم على الجانب الأيمن وبحجم أصغر كثيرا صورتين متجاورتين لـ نور الشريف ، ومنه شلبي .. ثم عنوان صغير أسفل الجانب الأيمن من الغلاف .. نظرة فابتسامه فتحرش!! (لن نسهب فى الكلام عن خطأ قاتل على الغلاف فى كتابة كلمة ابتسامه، يكفى أن نقول لأسرة تحرير المجلة "عيب" )ه
جاء تصميم صفحات المجلة مريحا للعين أكثر منه مبهرا ، كما كانت صور الموضوعات جيدة إلى حد ما.. ه
بدأت موضوعات المجلة بقضية للمناقشة عن سؤال للشباب : أيهما تفضل ، عذراء العواطف أم صاحبة التجارب؟ .. ثم حوار تقليدي جدا مع الفنان نور الشريف يعلن فيه عن مفاجآت غامضة فى الجزء الثاني من الدالي .. ثم موضوع الغلاف الرئيسي حوار مع ملك الجيل .. الفنان الموهوب والمختلف .. النجم بمعنى الكلمة (هذه هى أوصاف المجلة) تامر حسني والذى يؤكد فيه أن حلم حياته هو تأسيس أكاديمية تامر حسني لتعليم فنون الغناء من تلحين وعزف وكتابة !! .. طبعا لا نستطيع أن ننسى الإشارة لصورة النجم المصاحبة للموضوع وتحتل نصف صفحة كاملة .. ( النجم فى قميص مفتوح منه 5 أزرار على الأقل وتتدلى من عنقه سلسلة ضخمة على خلفية صدره المليء بالشعر!! ولا وجود لأي مبالغة هنا) .ه
نقلب الصفحة لنفاجئ بحوار مع (زينة) عنوانه : زواجى من تامر مستحيل !! .. ونفهم من الحوار أنها ترفض الزواج من داخل الوسط الفنى لأنها غيورة جدا ولا تتخيل أن يكون لزوجها معجبات..ه
على أربع صفحات وتحت عنوان (كلاكيت) .. نتابع أخبار فنية متنوعة تشترك جميعها فى أنها قديمة .. ولا ندرى كيف لمطبوعة شهرية أن تفرد 4 صفحات كاملة للأخبار مع تعارض ذلك مع بديهيات واضحة فى العمل الصحفي ومع قواعد المنطق أيضا؟!! فأي مطبوعة أسبوعية أو يومية أخرى ستكون بالتأكيد قد نشرت هذه الأخبار قبل صدور المجلة الشهرية بوقت طويل.ه
ثم حوار قصير مع (منه شلبي) تعلن فيه أنها تبحث عن فتى أحلامها !!.. ولا ندرى ما هى سياسة المجلة فى سؤال الفنانين عن موضوع الزواج هذا بالذات ؟!!.ه
نظرة .. فابتسامه .. فتحرش .. سيناريو وإخراج "بنات اليوم" .. قضية جديدة للمناقشة على صفحات (عيون الناس) عن استغلال المرأة كونها أنثى فى تحقيق ما تريده فى كل مجالات الحياة الآن .. وتدافع فى التحقيق نماذج مختلفة من الشابات عن منطقهم فى إمكانية استغلال جمالهم أو أحيانا بعضا من الدلع المتعمد لتحقيق مصالحهم !!.ه
فى بولوتيكا - قسم من أقسام (عيون الناس)- وبسطحية شديدة ناقشت المجلة موضوع قانون المرور الجديد تحت عنوان ساخر " خلى بالك من مثلثك وشنطة إسعافاتك " .. ه
عودة ثانية لـ "قضية للمناقشة" وهذه المرة عن (ماذا يقرأ الشباب .. ولمن ؟) ولا جديد فى مناقشة هذا الموضوع القديم .. أما عن الأبواب الثابتة فهى نقطة ضعف واضحة لدى المجلة .. (ديكوراما) المفترض أنه قسم للديكور ، لم يقدم جديدا وعرضت فيه المجلة المعلومات بصورة روتينية تخلو من أي روح .ه
(فانتازيا) .. لم نجد توصيفا مناسبا لموضوعات هذا القسم أو علاقتها باسم فانتازيا .. مثلا، نصائح لعريس المستقبل ، اعرف شخصيتك من عطستك !! وأسرار آدم وحواء ، وهل أنت فتاة مثالية!! وطبق اليوم ، حذار من الملل!! تشكيلة غير متجانسة من الموضوعات القصيرة الأرشيفية لا يبدو أى هدف منها سوى محاولة ملء صفحات بأي كلام .ه
مسابقة جديدة تقدمها مجلة (عيون الناس) لقرائها والمسابقة عبارة عن نشر صور المتسابقات ثم سيتم التصويت على الصور لاختيار أجمل متسابقة لتكون "ملكة جمال الغلاف " من خلال قراء المجلة وسيتم نشر الصورة الفائزة على غلاف المجلة فى نهاية المسابقة !! (لا تعليق).ه
ملف عن شهر رمضان تناقش فيه المجلة قضية هامة جدا .. ارتداء الحجاب فى رمضان عادة أم عبادة ؟!ه
إشكالية خطيرة ومعقدة ولها جوانب دينية واجتماعية واقتصادية متشعبة تناقشها المجلة – للأسف – بسطحية شديدة واستسهال غير مقبول. أما باقى موضوعات ملف رمضان فلا تستحق عناء القراءة .. موضوعات أرشيفية عادية تخلو من أى جديد .ه
ماذا عن الرياضة على صفحات (عيون الناس) ؟ .. حوار على صفحتين مع حارس مرمى الأهلى (أمير عبد الحميد ) بعنوان : إنما للصبر "سيون " !! وحوار آخر مع الناقد الرياضى والإعلامى الشهير (علاء صادق) بعنوان : أنا لا أهاجم الحكام بل أدافع عنهم . ثم تقرير عن استفتاء وجد أن 9 من بين أجمل 10 نساء روسيات بطلات فى رياضات مختلفة .ه
قبل نهاية صفحات المجلة نطالع تقريرا شاملا بالصور عن مسلسلات رمضان بعنوان (دراما رمضان .. احجز مقعدك من الآن ) تشعر أنك قرأته من قبل فى كل المطبوعات اليومية والأسبوعية .ه
وآخر صفحة .. مقال لرئيس مجلس الإدارة بعنوان (يسبب أمراض القلب والشرايين) عن التدخين وأضراره والصورة الجديدة المطبوعة على علب السجائر .ه
حاولت – بحياد شديد – بعد الانتهاء من 60 صفحة كاملة من (عيون الناس) أن أخرج بمعلومة واحدة مفيدة أو جديدة ، لكن للأسف لم أستطع .. حاولت أن أستشف هدفا واحدا من أهداف المطبوعة الجديدة التى تصدر منذ ثلاثة شهور حتى الآن ولم أجد شيئا !! ويبقى السؤال الذى يفرض نفسه .. هل نحن بحاجة لمثل هذه المطبوعات التى تخرج علينا لمجرد الحصول على عائد كبير من الإعلانات ؟
والسؤال الأهم .. هل مبدأ أن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة يصلح للتعامل مع هذا النوع من التجارة الصحفية الرخيصة؟ لا زلنا فى انتظار إجابة.ه

About Me

My photo
just a human, seeking for real life, real love, real freedom.